المهاتما غاندي صاحب الروح العظيمة

المهاتما غاندي صاحب الروح العظيمة

من هو موهانداس كرمشند غاندي ؟

في عام 1869 ولد موهانداس كرمشند غاندي ببلدة بوريا بولاية جو جارت لأسره تنتمي الي مستوي إجتماعي متميز حيث يعمل رب الأسرة بمثابة وزير أو أمير عند المهراجا الذي يحكم ولاية جوجارت علي الساحل الشرقي للهند.

وفي عام 1882 وهو في سن الثالثة عشر تزوج غاندي بــــ" كاستور باي" لأن التقاليد السارية حين ذاك بين الهندوس تحتم عليهم الزواج في سن مبكر جداً.

وفي عام 1887 أنهي غاندي دراستة الثانوية في سن الثامنة عشرة ، أرسله والده الي لندن لدراسة القانون .

وعاش غاندي بلندن وشاهد حياة الأنجليز وأحبها ، وكان يشعر بالفخر بأنه من مواطني الإمبراطورية التي يظلها العلم البريطاني ( الهند كانت تحت الحكم البريطاني ) ،وفي البداية ارتدي غاندي ملابس البريطانين ، وتعلق بتقاليدهم وأندمج بمجتمعهم .

أكمل غاندي تعليمه ودرس القانون وعاد الي بلاده الهند ليعمل بالمحاماة ، وحينها كانت ظروف الحياة وأوضاعها قاسية في الهند التي كانت تخضع للأحتلال البريطاني ، مما دفع الكثير للهجرة من الهند الي جنوب أفريقيا للعمل هناك ( كانت جنوب أفريقيا ايضاً جزاً من الأمبراطورية البريطانية ).

معركة غاندي في جنوب أفريقيا

المهاتما غاندي صاحب الروح العظيمة

وفي عام 1893 طلبت إحدي الشركات من غاندي تمثيلها في أحد القضايا أمام المحاكم في جنوب افريقيا وكان في اعتقاده أن إقامته لن تتعدي عدة اسابيع لينتهي من القضية ولكنه بقي هناك عشرون عاماً.

عندما سافر الي جنوب افريقيا صُدم غاندي لإنه وجد كل أنواع التمييز العنصري الذي كان يمارسه البيض في حق السكان الأصليون السود أو المهاجرون الهنود ، وجد غاندي أن الهنود هناك محرومين من أبسط حقوقهم ويعاملو كالعبيد ، فقرر غاندي أن تكون تلك قضيته الأولي .

إستخدم غاندي في البداية القانون الذي تعلمه  حيث كتب وقدم عشرات التظلمات وإرسلها الي السلطات البريطانية ولكن كان مصيرها سلة المهملات.

إنتقل غاندي الي طريقة أخري لمجابه الأستعمار وأسس حزب المؤتمر الهندي ، ولكن لم يوفق وينجح ، ثم انتقل لأول مرة الي اسلوب المقاومة السلبية والعصيان المدني.

وكانت تلك المقاومة تتمثل في عدم الانصياع لأوامر العمل .. فلا يعمل الفلاحون في المزارع ، ولا يذهب العمال الي المصانع ، ونجحت تلك المقاومة في شل حركة الأقتصاد في جنوب افريقيا ، فقررت السلطات إعتقال غاندي ولكن الهنود استمروا في المقاومة بالرغم من إعتقال زعيمهم .

ولم يكن الأمر سهلاً .. لقد إحتاج الأمر الي أكثر من 20 سنة حتي تتغير سياسة الإستعباد والتمييز العنصر ، وفي عام 1914 جلس غاندي( الزعيم الروحي للهنود ) مع رئيس جنوب إفريقيا لتوقيع اتفاقية لرفع الظلم عن الهنود ورد كرامة الهنود والسود في جنوب افريقيا.   

كان من ضمن تلك الاتفاقية هو حق الاشتراك قي الانتخابات وتشكيل الأحزاب والترشح للانتخابات ، وهي حقوق لم يحصل عليها السود إلا في عام 1994 والتي إنتهت بفوز " مانديلا " وتوليه الرئاسة لأول مرة في البلاد.

معركة غاندي الكبري في الهند

المهاتما غاندي صاحب الروح العظيمة

عاد غاندي من جنوب افريقيا الي الهند ، ليجد أن ما كان يحارب من أجلة لمدة 20 سنه في افريقيا اضعافاً مضاعفة في بلده من إحتقار ومهانه واستعباد ، لذلك أعد غاندي نفسه للمعركة الكبري مع أكبر  مستعمر في التاريخ.

ظل الشعب الهندي يتطلع الي التخلص من الإستعمار البريطاني الذي أحكم سيطرته علي كامل الهند وقسمها الي 700 ولاية ، وكل ولاية يحكمها مقيم بريطاني وكانت تلك الولايات هي ثلث الهند أما الثلثان الأخران ( عرفا بالهند البريطانية ) كانا تحت الحكم البريطاني مباشرةً .

الثورات والصراع الدموي

مجزرة أموريتسار

في 13 أبريل عام 1919 تجمع عدة الف من الهنود في إحدي الحدائق ، فعرف القائد الإنجليزي داير بذلك التجمع فصحب معه 90 من قواته وعربتين مصفحتين واتجه الي الحديقة ودون سابق انذار أمر جنوده بفتح النار علي الهنود في الحديقة وقام بغلق مخارج ومداخل الحديقة لمنعهم من الخروج ومنع سيارات الأسعاف من الوصول اليهم وكانت تلك المجزرة هي الشرارة حيث راح ضحيتها 379 وإصابة 1200 .

المقاومة السلبية " الساتياجراها "

"الساتياجراها" وهي اسم المقاومة التي اشتهر بها غاندي في جنوب افريقيا ، وأهم ما يميزها انها تخلو من العنف بل في جوهرها ثورة سلمية ووسيلة فعالة لإثارة الشعب ودفعه للكفاح .

وكانت البداية حين خلع غاندي ثياب المدنية وارتدي مئزر صنعه بنفسه ، وطلب من مواطنية مقاطعة الأقمشة الانجليزية وارتداء ملابس من صنع يدهم ، وبدا غاندي معركته مع أكبر مستعمر في التاريخ الذي كان واجه القهر والتعسف والقمع ضد الشعب الهندي.


" أتعلم أنه كان علي الهنود عند الاقتراب من من أحد الأماكن يجب عليهم المرور علي بطونهم زحفاً لان سيدة إنجليزية قتلت في ذلك المكان وعلي الشعب الهندي تقديم الأحترام لها "

في عام 1922 قاد غاندي أكبر عصيان مدني في تاريخ الهند مما أدي الي إعتقاله من قبل السلطات البريطانية وحكم عليه ب 6 سنوات ولكن الاستعمار البريطاني لم يكن يتحمل الصداع الذي أحدثه وجوده بالسجن فتم الأفراج عنه بعد سنتين .

لم يتوقف غاندي عن مقاومة الإستعمار البريطاني وأشهرها قانون الملح وتحدي الاستعمار وشن حملات العصيان المدني في جميع ارجاء البلاد .

كان ضرورياً أن تنهار الإمبراطورية البريطانية تحت حملات العصيان ، وبدأ الاستعداد لاستسلام بريطانيا واعلان استقلال الهند ولكنها كانت تلعب علي توسعه الفجوة بين المسلمين والهندوس ، وطلب المسلمون ان تكون لهم دولة مستقلة وتم إعلان الحرب علي الهندوس.

وفي مايو عام 1947 نجحت بريطانيا في إقناع زعماء حزب المؤتمر الهندي بقبول مطالب حزب الرابطة الهندية بشأن تقسيم الهند كشرط لإنسحاب القوات البريطانية.

وبذلك تم تقسيم القارة الهندية الي باكستان والهند وفي 15 اغسطس 1947 أعلنت الهند دولة حرة مستقلة ذات سيادة.

وفي عام 1974 انقسمت باكستان الي دولتين باكستان وبنجلاديس وظلت كشمير التي يقطنها اغلبية مسلمة محل الصراع ، ولكن الهند ضمتها اليها مما أدي الي دخول الهند وباكستان في صراع وحروب .


نهاية اسطورة المقاومة الهندية

قضي غاندي بقية حياته في دلهي في بيت أحد اصدقائه والذي يدعي "بيرلي" وكان يرفض ان يحيط به أي حرس.

وتعرض غاندي للعديد من محاولات الإغتيال منها التي رتبها احد الهندوس الذين يعادون الطائفة المسلمة.

 وفي أحد الأمسيات من شهر يناير عام 1948 خرج غاندي الي الصلاة أمام الهيكل وعلي مسافة ثلاث خطوات منه قال شخص له " لقد تأخرت اليوم عن الصلاة يا مهاتما " ( المهاتما هي كلمة من مقطعين المها وتعني العظيم واتما وتعني الروح ) ، فرد علية غاندي " نعم لقد تاخرت ".


وسحب ذلك الشخص مسدسه واطلق ثلاث رصاصات علي غاندي استقرت الاولي في صدره والثانية والثالثة في بطنه.

أعلنت الهند الحداد علية ثلاثة عشر يوماً ، وفي اليوم التالي تم إحراق الجثمان وظل رماد الجثمان محفوظاً في احد البنوك حتي عام 1996 ، وبمرور 100 عام علي مولد غاندي تم الأحتفال ببذر الرماد في ملتقي نهر الجانج ويامونا المقدسين لدي الهندوس.