كيف يمكن التغلب على الخوف

كيف يمكن التغلب على الخوف

الخوف وأنواعه وكيفية علاجه والتغلب عليه

" إن أسوأ المعتقدات المقيدة للذات هو الخوف من الفشل، الخوف من الخسارة، أو الفقر، أو الأخطاء، أو عدم تحقيق الهدف الذي وضعته لنفسك "
- برايان تريسي -

ما هو الخوف؟

تعريف الخوف هو حالة شعورية فطرية تصيب الإنسان عند اقتراب خطر ما منه ، أو عند مجرد إحساسه بقرب خطر ما.
وهذه الحالة تدفع الإنسان لتجنب هذا الخطر، إما بالبعد عنه أو باتخاذ الأساليب التي تضمن بقاؤه بعيداً عن مصدر هذا الخطر.

هل الخوف شيء إيجابي أم سلبي؟

المُشاع لدى أغلب الناس أن الخوف في الأساس شعور سلبي، وذلك لأنه أحياناً يمنع الإنسان من الوصول إلى هدف ما يحيط به عدة مخاطر، على رأي الشاعر الذي قال:-

"ومن يتهيب صعود الجبال…يعش أبد الدهر بين الحفر "

فنجد أن السبب الذي منعه من صعود الجبال هو خوفه من تسلقها، وهنا يكون الخوف شعورا سلبياً يجب التخلص منه والتغلب عليه، ومن ذلك:-


• شخص يعمل في شركة ما ويخشى الوقوف أمام الجمهور، ولابد له في يوم من الأيام أن يقف أمامهم بحكم عمله، فهذا خوفه سيعيقه.

• شخص مريض والطبيب نصحه بأن الدواء سيأخذه على شكل حقنة، والمريض يخاف الحقن، فهذا قد لا يشفى بسبب خوفه من الحقن.

• شخص تخرج من كلية الهندسة، وأمامه وظيفتان إحداهما صغيرة لا تحتاج إلى مجهود كبير ومرتبه فيها سيكون قليلا، والوظيفة الأخرى كبيرة ومرموقة وذات مرتب كبير ولكن يحيط بها الكثير من التحديات حتى يصل إليها، ولكنه اختار الوظيفة الصغيرة، خوفا من فشله في التحديات عند التحاقه بالوظيفة الكبيرة.

إطلاق السلبية بشكل عام على الخوف هو شيء خاطئ، وذلك لأن الخوف الفطري هذا أحيانا يكون هو الدافع لنا للقيام بكثير من الأفعال الإيجابية التي نقوم بها في حياتنا اليومية والتي لا تنبني إلا على الخوف، ومن ذلك:-

• شخص يحب الأكل ولكنه يتبع نظاماً غذائياً معيناً، وذلك لأنه يخاف أن يصبح سميناً إذا أطلق العنان لمعدته.

• شخص يقوم بعمله بجد وإجتهاد ويحرص دائماً على تنفيذه على أكمل وجه، وذلك لخوفه من أن يُطرد من عمله إذا لم ينفذ ما طُلب منه.

• شخص مريض يلتزم بالدواء الذي وصفه له الطبيب، فهذا يخشى أن يشتد مرضه إذا تكاسل عن تناول الدواء كما وصفه له الطبيب.


فهذه الأمثلة الثلاثة وغيرها هي مواقف تواجهنا في حياتنا اليومية، وربما نسمع عنها الكثير ممن حولنا، فالخوف بالرغم من كونه شعورا سلبيا في الأساس إلا أن يدفع الكثيرين نحو فعل الشيء الإيجابي، بمعنى أنه كان محفزا، وهذا ما يطلق عليه علماء النفس "التحفيز السلبي".

أنواع الخوف وكيفية التغلب عليه ومعالجته:

حتى نستطيع معالجة المخاوف التي نشعر بها، لابد أولا من معرفة نوعية هذا الخوف، وأسبابه حتى نستطيع التغلب عليه، وأنواع الخوف نسردها لكم كما يلي:

1. الخوف الناتج عن غريزة البقاء

وهو الخوف من الموت أو الانقراض، وهذا النوع من الخوف يشترك فيه الإنسان مع الحيوان، فالغزال الذي يهرب من أسد يطارده، يهرب خوفاً من إفتراس الأسد له وبالتالي موته، فخوف الغزال من الموت جعله يهرب من الأسد، وهذا الخوف ناتج من غريزة داخلية تسمى غريزة البقاء.

وكذلك الأمر بالنسبة للإنسان، الذي يسارع إلى الطبيب وشراء الدواء لعلاج ما به من أمراض، خوفا من أن يتسبب المرض بموته، فخوف الإنسان من المرض وما قد يؤدي إليه من الموت، هو ناتج رئيسي من غريزة البقاء التي خُلق بها.

هذا النوع من الخوف هو نوع فطري، موجود بداخلنا من الاساس، ولكن زيادته هي التي تعتبر مشكلة، فتجد الانسان يخاف اكثر من اللازم من الموت، وهذه تعتبر حالة نفسية يلزم لها وجود طبيب نفسي لمعالجة المشكلة.

2. الخوف من النقصان

وهذا النوع من الخوف يعتبر جزءاً لا يتجزأ من النوع الأول، فهو ناتج أيضا عن غريزة البقاء الموجودة بداخلنا، وهو الخوف من فقدان شيء ما من جسمنا، أو ما يسبب له الجرح أو المرض.

وهذ النوع فطري أيضا، وله علاقة بصفتي الشجاعة والجبن، فتجد البعض ممن يعملون في وظائف يدوية تُجرح فيها أيديهم يملكون قدراً صغيراً من هذا النوع من الخوف. وهناك أيضا من عنده قدر زائد من هذا النوع من الخوف، وهذا لابد له من مواجهة مصدر الخوف ومحاولة التعامل معه، حتى يتذلل الخوف المبني بداخله نحوه.

3. الخوف من الفقدان المادي

وهو الخوف من فقدان المال أو الولد، وكذلك منه الخوف من هجران الحبيب أو فقد عزيز ونحو ذلك، وهذا النوع من الخوف فطري لأنه ناتج من تعلق الانسان بهذه الأشياء فيخاف فقدانها، ولكن الخوف الزائد منه لابد من معالجته، ويكون العلاج بأن يتم تحسين نظرة الانسان إلى الحياة وإلى من حوله، وأنه لن يعيش في هذه الحياة إلا إذا أحسن الظن بنفسه وبالحياة ليسعد نفسه ومن حوله، فلا يقلق أبدا من فقدان شيء، ولأنه في يوم من الأيام سيرحل.

4. الخوف من الفقدان المعنوي

وهو الشعور بفقدان شيء معنوي داخل الذات، مثل الخوف من العار أو الخوف من التعرض للذل والمهانة، وكذلك الخوف من تغير الإحساس بالحب تجاه من نحب.
ومن هذا النوع الشخص الذي يخاف الوقوف على المسرح ومواجهة الجمهور، فهو يخاف من الإهانة التي سيلقاها من الجمهور في حال كان أداؤه سيئاً.

وهذا النوع من الخوف يرتبط بشكل كبير بالثقة بالنفس، لذلك من لديه مشكلة مع هذا النوع من الخوف يكون لديه في الأصل مشكلة مع ثقته بنفسه، لذا فإن علاج الخوف من هذا النوع يكون بتعزيز ثقة الشخص بنفسه، وأنه مهما تغيرت الظروف فإنه قادر على مواجهتها.

علاج الخوف

خطوات ومبادئ للتعامل مع الخوف

الخوف مهما كان نوعه، لابد من التغلب عليه، وكلما كان الانسان أنضج كلما قلت مخاوفه، ولن يصل إلى هذا النضج إلا بعد أن عرف وأدرك ما الذي يخيفه وكيف يتعامل معه، حتى يستطيع التغلب عليه. 

وللتعامل مع الخوف عدة مبادئ هي:

• اعرف أولا

وهذه هي أهم نقطة للتعامل مع الخوف، فالشخص الذي يخاف من الدواء بالحقن، لو عرف جيداً أن موضوع الحقن لا يتجاوز الثلاث ثواني، وأن وغزة الحقن تكون فقط في لحظة اختراق سن الابرة للجلد، ومما يعزز التغلب على الخوف من الحقن هو معرفة أن هناك الملايين تناولت دواءها بالحقن، وأنهم لم يخافوا من الحقن.

فالمشكلة هنا احتاجت إلى تحليل بسيط، ما الذي يخيفني؟ هل كل الناس تخاف أم أنا وحدي الذي أخاف؟ هل الشيء الذي يخيفني يظل موجوداً أم إنه يكون بضع لحظات أو دقائق؟

وبالإجابة على مثل تلك الأسئلة تكون قد حللت ولو بشكل بسيط الشيء الذي تخاف منه، حتى يكون الأمر هيناً بالنسبة لك لتتغلب على خوفك.

• فكر ثم فكر

أن معظم الناس الذي ينتابهم خوف من شيء ما، ينتابهم خوف أيضاً من مجرد التفكير فيه، لذلك إن من أهم خطوات التغلب على الخوف هو التفكير في الشيء الذي يخيفك وأنه بإمكانك التعامل معه والتغلب عليه، لا تجعل خوفك يغلبك ويغلب تفكيرك.

• لا تجعل خوفك يفقدك تركيزك

وهذه نقطة فاصلة في التعامل مع الخوف، فمثلا الشخص الذي يخاف من الجمهور وموكل إليه تقديم منتج مثلاً أمامهم، لو أدرك أنه يجب عليه التركيز في تقديم المنتج بدلا من التركيز على ردود أفعال الجمهور لفقد هذا الإحساس بالخوف تدريجياً.

• حاول إلهاء تفكيرك في شيء آخر

وهذه النقطة تأتي عند الفشل في التركيز بعيداً عن الخوف، وتعتبر بمثابة مسكن للألم، فالشخص الذي يخاف من العلاج بالحقن، بدلاً من أن يركز في الألم الذي يشعر به أثناء وخز الإبرة، عليه أن يفكر في أي شيء آخر يلهيه حتى لا يشعر بالألم.

" الشجاعةُ هي مقاومةُ الخوف و التحكم به وليست عدم الخوف" 
- مارك توين -